فوزي في الغوّاصة


نقلت توتري و حالتي المزاجية السيئة لكل كائنات تلك الجزيرة المجهولة, و التي اضطررت للرسو على شاطئها بعد أن نفذ مخزون الأكسجين و الوقود من غواصتي الخضراء الصغيرة..
يبدو أن بن يقظان و روبنسون كروزو و توم هانكوزو و غيرهم كانوا أكثر هدوءاً و حكمة مني في هذه التجربة..
أن تقودك الظروف للحياة وحيداً في مكان بكر لم تطأه أقدام الحضارة و المدنية..
ليتني كنت أحضرت مزيدا من السجائر..
كنت أردد تلك العبارة و أنا في قمة الغضب, و تصادف مرور وحيد القرن و معه صغيره, فلما بادرني بالتحية و الترحيب بسلامة الوصول, أشحت عنه بوجهي و نهرته بنبرة حادة قائلاً: "طبعاً ما عندكمش سجاير و لا شيشة و لا أي حاجة في جزيرتكم الفقرية دي", فنظر لي بازدراء و قال: "ما ترد السلام طيب, أما انك واطي و قليل الأصل صحيح. بعدين إيه الغواصة العرّة بنت الوسخة اللي انت راكبها دي؟ عموماً أنا عامل دماغ فستكونيا و مش حضيعها عالهبل ده, بعد ما انتخب ليا كلام تاني معاك..سلام", وقبل أن ينهي عبارته اندفع صغيره في اتجاهي مسنتراً قرنه الوحيد في مرمى مؤخرتي لكن الأب صاح في آخر لحظة: "سيبك منه يا بني ده برضه ضيفنا".
ذهبت إلى غواصتي أفتش عن ما تبقى من طعام و شراب, و أدركت أن ما حملت لن يكفيني أكثر من ثلاثة أيام, فازداد غضبي, و خصوصاً حين اكتشفت أنه لا توجد أي علامة تدل على وجود تغطية إرسال لهاتفي النوكيا الذي ابتعته الشهر الماضي من شارع عبعزيز بالضمان.. و طبعاً البطارية ستحتاج لإعادة شحن حتى أتمكن من تسلية وقتي بالاستماع إلى الأغاني أو الاستمتاع ببعض الألعاب البضان .. و أثناء انشغالي بالتفكير في مصيري الكارثي على هذه الجزيرة, مر فيل رمادي بخرطوم معقود, ففعل مثل مواطنه وحيد القرن مرحباً بي و مهنئاً على سلامة الوصول, فصرخت في وجهه: "أكيد ما عندكمش شاحن نوكيا و لا بيتزا و لا أي زفت في جزيرتكم المخروبة دي, بعدين أيه أم زلومتك أم عقدة دي؟ هي ناقصة تعقيد بروح امكم؟"
نظر لي الفيل باستغراب و استهجان قائلاً: "بالراحة علينا يا كابتن, لولا إنك ضيفنا كنت طللعت ميتين أهلك بعدين إيه الغواصة المسخرة اللي جايلنا بيها دي؟, عموماً بعد ما انتخب ليا كلام تاني معاك..سلام"
تمتمت بيني و بين نفسي: " أحه.. إيه الجزيرة المناخوليا دي؟ انتخابات إيه بس اللي مسروعين عليها, أنا شكلي وقعت في نقرة هرتلة و لا حدش سمى عليا"
كِمْلت.. أهو الأخ غوريلا شّرف و جاي ناحيتي: "ألف حمد الله عالسلامة.. الجزيرة نورت حقيقي"
سألته بفظاظة: "خيلتوني منك ليه, إرحموا أمي و خللوني أشوف حعمل أيه في سنتي اللي مش فايتة, روح يا عم انتخب و حل عن سمايا"
"ها ها ها ها إيه الغواصة بنت القحبة اللي راكنها عالشط دي,شكلك عبيط ياد, راجعلك.. بس بعد ما انتخب ليا كلام تاني معاك..سلام"

كنت قاعد بولول زي النسوان, و بقول: الحقيني يامّا شوفتي اللي بيحصل لضناكي, و أثناء الولولة كنت بضرب كيس شيبسي لأسُدّ به بعضاً من جوعي..

مرت الساعات و أنا أتأمل نصيبي و حظي المنيّل قابعاً في غواصتي الخضراء الصغيرة التي نفذ منها الأكسجين و الوقود و بضعة أكياس من الشيبسي و لوحين من الشيكولاتة المبندقة (اللي فيها بندق)..
دخل الليل برهبته, و أصبح المكان شديد الوحشة..
بدأت ثورتي تخمد تدريجياً..تبدل الغضب إلى شعور بالانكسار... و الخوف, لم أستطع مقاومة دموعي التي انهمرت بغزارة لأول مرة منذ زمن بعيد.. بعيد جداً... على ما يبدو, نسيت طعم ملح الدموع, نسيت كيف كنت أترجم أوجاعي إلى بكاء, بدلاً من تحويلها إلى قسوة.. قسوة على نفسي و على من حولي.. ياله من جبروت مزّيف ذلك الذي نخترعه لأنفسنا ذات وجع, لندفن انكساراتنا تحت أساسات خرسانية مسدودة المسام.. لا تسمح لذرة أكسجين واحدة بالمرور.. ها هو الأساس الخرساني يتشقق, و ها هي المياه المالحة تنخر في أسياخ الحديد.. تتفتت شيئاً فشيئأ.. تنفجر الأرض المصنوعة.. و تظهر من جديد الأرض الأم.. يتسلل الأكسجين من جديد ليقبّل أرضه المسجونة تحت توابيت العلب الممسوخة.. (مزيكا حزايني مضروبة في الخلاط مع تلج مجروش)
كان هدير البحر يغازل ظلال النور التي حاكها قمر يقصّ الحكايات لنجمات و غيمات.. للرمال.. و لغابة مسحورة تنعس في حضن الجبال و لا تنام..
كيف لم أر كل هذا الجمال؟
تبدد الخوف.. تبدد انكساري.. ملأت صدري بذلك الهواء الجديد.. استنشقت حنيناً إلى حنين لم أتذوقه من قبل..(مزيكا متفائلة من متتابعة إنشكاح اليعسوب العائد إلى غيط الكستناء)

طرقات على نافذة غواصتي الخضراء الصغيرة..
خرجت..
وحيد القرن.. و الفيل و الغوريلا يتقدمون آخرين.. تعلو وجوههم ابتسامات ودودة (من المودة مش من التدويد)..
"بقيت أحسن دلوقتي؟"
قالوها و هم يحملون لي سجائراً و بيتزا (سي فود) و شاحن نوكيا أصلي (مع مولد كهربا)
لم يعطوني أية فرصة للاعتذار..
وضعوا الأغراض جانباً, ثم حمل كل منهم آلة موسيقية و غنوا جميعاً أغنية تتحدث عن الحب و الرضا و الوطن (من مقام بياتي اللا)..
سألتهم بعد أن شكرتهم: "هو انتوا انتخبتوا بجد؟ يعني عندكم انتخابات و استفتاءات زينا؟"
فشخر أحدهم (لم أتبين ملامحه عشان كان واقف ورا و الدنيا ضلمة)
" خخخخخ أحه.. يعني هو ده اللي لفت نظرك بروح خالتك؟ أمال ليه ما استغربتش من إن عندنا سجاير و بيتزا و شاحن نوكيا؟؟"
لحقت نفسي قبل ما يتأكدوا من هطلي و غبائي المتأصل: "لا يا عم الحاج انت فهمتني غلط, أنا كان قصدي هو الانتخابات و الاستفتاءات مضروبة عندكم زي عندنا؟"
أنا قلت البق ده من هنا و عينك ما تشوف إلا النور.. الحشد كله وقع على الأرض في نوبة من الضحك الهيستيري رجت أركان الجزيرة الهادئة.
سألت وحيد القرن (اللي بيعمل دماغ فستكونيا): "إيه يا معلم هو انا قلت حاجة غلط؟ همه بيضحكوا على إيه؟"
أجابني و هو لا زال يقهقه مقلوباً على قفاه: "هو انت جاي من هناك؟ نياهاهاها..."
...........................

علان العلانى

فوزي وأزمنة الغوص
قراءة

فوزي فى الغواصة هذا العنوان غاطس فى مباشرته ولكن الغوص كما فى الأعماق يكون فى الواقع أيضا وفى انعكاس هذا الواقع على هوامش المعنى وكذلك الصورة (تصميما أو اختيارا) هي وجه فوزي المرئي تعكس الرؤية الفوزوية، الى جانب إزاحة الكمالة بعد الإشارة للأجازة—فعندما نسأل كنت غائصا/غاطسا فين؟ فلهذا السؤال دلالته التى توحي بأن السائل يتشكك أنه سوف يجد لسؤاله جوابا واضحا بين الأعماق والواقع وأنه يشيرفقط لانتباهه للغياب وما قد يحيط به من غموض--- بين الرؤية الفوزوية وبين الغوص وتلك الجزيرة التى وصلها فوزي غائصا هذه المرة بعدما وصل لجزيرة مشابهة جاريا (1)، لا بد للقراءة أن تتوزع داخل الفوزويات: مع فوزى الكلب- فوزى اعتصامات- وأيضا نموت نموت وتحيا نوكيا- فى شبكة تناص تغوص فيها المعاني على امتداد زمن المدونة نفسه.


النص والهروب الاضطراري من المعنى

الهبوط الاضطراري يستخدم فيه الطيار كل خبرته للنجاة بطائرته/نصه فى المساحة المتاحة وفى حرص شديد من الارتطام وهكذا تحمل بداية النص مجموعة من إجراءات في شكل كلمات: توتري/ اضطراري ، يبدأ النص بسهم سردي تقريري وحاسم: " نقلت توتري و حالتي المزاجية السيئة لكل كائنات تلك الجزيرة المجهولة" والمباشرة هنا تفتح نوافذ المخيلة على أسباب التوتر والحالة المزاجية السيئة من جهة، والغموض الذي يلف الإشارة إلى الجزيرة المجهولة من جهة أخرى(2) وفى ملاحقة سردية يغزل بهاالراوى نسيج الحكي يلحق بسهمه السردي الأول معلومات مرتبة تلا حق تسائلات القارىء وهى تتكون فى مخيلته بكيف وأين ولماذا موضحا: "التي اضطررت للرسو على شاطئها بعد أن نفذ مخزون الأكسجين و الوقود من غواصتي الخضراء الصغيرة.. يبدو أن بن يقظان و روبنسون كروزو و توم هانكوزو و غيرهم كانوا أكثر هدوءاً و حكمة مني في هذه التجربة". بين أجوبة الراوي واستباق مخيلة القارىء هناك حكي حي ومتفاعل ينساب فى دائرة التواطىء التي تفتح بينهما بابا للتواصل السردي، إلا إن هناك علامة لا تخطئها العين- إسم علم يفلت رغم التمويه حي بن يقظان - يشيد للمعنى جسرا من التوتر في هذه التجربة، فحي بن يقظان يختلف اختلافا جذريا وجوهريا عن كل التجارب التالية، فهو نشأ بالكامل خارج نظام/خطاب السلطة وسلطة الخطاب فهو لم يكن متعلقا بنظام أو هيمنات متصارعة بخلاف روبينسون كروزو وغيره الذين حدثت معهم قطيعة بين تكويناتهم وما أضطروا اليه من العزلة فقد كانت ذاكرتهم الأستهلاكية تحاصرهم بينما بن يقظان فى انسجام مع محيطه غير مستعبد له. لقد كان فوزى يعلم بهذا المأزق من قبل ففي محاورة سابقة بينه وبين أبو الليل فى مار س من العام الماضى في" نموت نموت وتحيا نوكيا":

"فوزي: آه جينا لكلام الشيوعيين و الحقد الطبقي.
أبو الليل: كس ام غباءك يا فوزي انت مش فاهمني.. الشركات اللي بتقدم سلع إستهلاكية , أهم ناس فيها, همه الناس اللي بيرسموا استراتيجيات الدخول إلى شيفرة نفسية المستهلك, يعني بالبلدي إزاي أخللي واحد زي فوزي يوصل لمرحلة يشعر فيها, إن اقتناء موبايل حديث و متطور هو احتياج حقيقي و ليس مزيفاً, الرغبة في امتلاك شيء قد لا تحتاجه, لكنه شيء يستطيع إبهار مناطق ما من متطلباتك الحسية و المعنوية, إنه فن و علم يا فوزي.. فن سحب النقود من جيوبك يا فوزي.."

ولكن الأمر لا يتوقف عند سحب النقود من الجيوب أنه يخلق حالة اعتياد تتحول إلى حالة استعباد، فما هى احتياجات فوزي عندما انقطعت به السبل "ليتني كنت أحضرت مزيدا من السجائر" (هامش جانبي:علاقة فوزى مع السجائر تعطى انطباع بأنه لم يغادر فصول الثانوية العامة أو أمضى الكثير من الوقت معتقلا فهي إحدى العلامات الملازمة لفوزى إلى جانب البيض والتونة وأشياء أخرى وتمثل مع التونة حجة الغياب) . وهكذا إذا لقد أنجز الراوى فيما لا يتجاوز خمسة سطور عملية الرسو بالنص ليبدأ فى رسم معالم الرؤية بداية من "كنت أردد تلك العبارة وأنا في قمة الغضب" إلى أخر حديثه مع الغوريلا "ها ها ها ها إيه الغواصة بنت القحبة اللي راكنها عالشط دي,شكلك عبيط ياد, راجعلك.. بس بعد ما انتخب ليا كلام تاني معاك..سلام".

يتكلم فوزى بسهولة وعفوية شديدة مع حيوانات الجزيرة وتبدوالحيوانات مأنسنة في مشاعرها وردود أفعالها وانفعالاتها وكأنها تنتمى لأوساط الطبقة المتوسطة أي القطاع المؤثرفى الخطاب الشعبي، والراوي لا يسقط فى محاولة اختراع عالم موازي ومثالي (مثل عالم الخيول في الجزيرة الأخيرة التي رسى عليها جلليفر) فوحيد القرن يتكلم كمعلم صاحب مزاج ويعرف الأصول و" راسي" وأبنه ينفعل كفتوة نشأ فى عزوة تصارع به للجدعنة وعدم احتمال الاستهتار--- وهكذا وكأننا فى حفلة تنكرية لحيوانات تتخذ أوضاع أنسانية أو بشر يتفاعلون في أشكال حيوانية، لعل الكلمة المفتاح التى حددت مسار السرد هي كلمة " انتخب " التي تعود على لسان كل واحد من الحيوانات القادرة على معاقبة فوزي على استهتاره لتؤجل ذلك لما بعد الانتخاب ثم ذلك الحرص على الانتخاب من أقوياء الغابة فى الجزيرة وأخيرا ذلك التوازي والارتباط بين هذا الحدث الانتخابى من جهة و بين النوكيا وشاحنها والبيتزا والانتخاب (الديمقراطية ) كحزمة واحدة على مبدأ
take it or leave it
هذا التلازم الذى سوف يعود فى نهاية النص بين رحلةبعد اتمام الانتخاب وانفراج أزمة الغريب(فوزي) الاستهلاكية:
"وهم يحملون لي سجائراً و بيتزا (سي فود) و شاحن نوكيا أصلي (مع مولد كهربا)" وأيضا في "خخخخخ أحه.. يعني هو ده اللي لفت نظرك بروح خالتك؟ أمال ليه ما استغربتش من إن عندنا سجاير و بيتزا و شاحن نوكيا؟؟"
لحقت نفسي قبل ما يتأكدوا من هطلي و غبائي المتأصل: "لا يا عم الحاج انت فهمتني غلط, أنا كان قصدي هو الانتخابات و الاستفتاءات مضروبة عندكم زي عندنا؟" أنا قلت البق ده من هنا و عينك ما تشوف إلا النور.. الحشد كله وقع على الأرض في نوبة من الضحك الهيستيري رجت أركان الجزيرة الهادئة"

وهكذا طبيعي تأتى الحكمة من وحيد القرن فى عالم اصبح وحيدا للقرن ولم يعد متعدد القرون ---هذا فى نهاية النص
(ولكن---) فى منتصف النص وبحرص شديد يضع الراوي خبيئته:

-- كنت قاعد بولول زي النسوان, و بقول: إلحقيني يامّا شوفتي اللي بيحصل لضناكي, و أثناء الولولة كنت بضرب كيس شيبسي لأسُدّ به بعضاً من جوعي..
مرت الساعات و أنا أتأمل نصيبي و حظي المنيّل قابعاً في غواصتي الخضراء الصغيرة التي نفذ منها الأكسجين و الوقود و بضعة أكياس من الشيبسي و لوحين من الشيكولاتة المبندقة (اللي فيها بندق)..دخل الليل برهبته, و أصبح المكان شديد الوحشة..بدأت ثورتي تخمد تدريجياً..تبدل الغضب إلى شعور بالانكسار... و الخوف, لم أستطع مقاومة دموعي التي انهمرت بغزارة لأول مرة منذ زمن بعيد.. بعيد جداً... على ما يبدو, نسيت طعم ملح الدموع, نسيت كيف كنت أترجم أوجاعي إلى بكاء, بدلاً من تحويلها إلى قسوة.. قسوة على نفسي و على من حولي.. ياله من جبروت مزّيف ذلك الذي نخترعه لأنفسنا ذات وجع, لندفن انكساراتنا تحت أساسات خرسانية مسدودة المسام.. لا تسمح لذرة أكسجين واحدة بالمرور.. ها هو الأساس الخرساني يتشقق, و ها هي المياه المالحة تنخر في أسياخ الحديد.. تتفتت شيئاً فشيئأ.. تنفجر الأرض المصنوعة.. و تظهر من جديد الأرض الأم.. يتسلل الأكسجين من جديد ليقبّل أرضه المسجونة تحت توابيت العلب الممسوخة.. (مزيكا حزايني مضروبة في الخلاط مع تلج مجروش)
كان هدير البحر يغازل ظلال النور التي حاكها قمر يقصّ الحكايات لنجمات و غيمات.. للرمال.. و لغابة مسحورة تنعس في حضن الجبال و لا تنام..
كيف لم أر كل هذا الجمال؟
تبدد الخوف.. تبدد انكساري.. ملأت صدري بذلك الهواء الجديد.. استنشقت حنيناً إلى حنين لم أتذوقه من قبل..(مزيكا متفائلة من متتابعة إنشكاح اليعسوب العائد إلى غيط الكستناء)--

كعزف منفرد أو كالصورة فى البرواز يخطف الراوي الأبتسامة ويزيحها قليلا لحساب هذا الجانب الذى أصبح معهودا فى فوزي تلك" الجذبة" التى تبرق فجأة كبرق يبدوا من جانب النص ويوشم علامته بإضاءة سريعة ترسل رسائل مفتوحة لنوع من الوعي مدرك وملموس ولكنه مسكوت عنه ومحاصر بخطاب جاهزللسخرية منه لهذا يحرص الراوى على أن يكون هو نفسه أول الساخرين منه في البداية (قاعد بولول زي النسوان) و في الختام (مزيكا حزايني مضروبة في الخلاط مع تلج مجروش)، ولكن مع ذلك تبقى هذه الجذبة كرسالة مشفرة محاطة بكل عوامل تمويهها تترك" لتنتخب" متلقيها وتراكم لفوزي هذا الخيط شديد المتانة الذى يربطه بعمق بواقعه عميق الغور وأصل جذوره ما يشابهه فى هذا الخطاب مع هؤلاء الظرفاء قي تاريخ السرد العربى كأبو دلامة وجحا وعيسى ابن هشام حتى نصل لفلاح كفر الهندوه هذا الخطاب شديد الالتباس لكنه التباس مقصود ورائه رؤية تديره بانتباه ودراية وما هو جدير بالاحتفاء أن التواصلات مع النص تلامست مع هوامش المعنى بسهولة شديدة


الهوامش
(1) راجع الفوزيات مقدمة نص" فوزى الكلب"
(2)هنا موضع سردى شديد
........................

إقرأ أيضاً:

حكايا المدونات هل هو نوع أدبى جديد؟